التنقل...من المشي إلى الطيران



لم يعرف إنسان العصر الحجري أنه سيأتي يوم يستطيع فيه أحفاده ركوب طائرة مكيفة مجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا تخترق به السحاب الذي لم يكن أصلاً يعرف انسان العصر الحجري ما هو السحاب وكيف يأتى وما مهمته، بل كان كل ما يفكر فيه عندما يريد الذهاب إلى مكان ما هو أن ينهض ويمشي إلى هذا المكان ولكن هذا التطور من المشي إلى الطائرات لم يكن فقط شيئاً تدريجياً بل هو أيضاً نتيجة تدريجية لاحتياجات الإنسان، فقديماً كان لا احتياجات له سوى المأكل والمشرب والمسكن، فكان لا ينهض إلا لتأمين طعامه و وبناء بيت له يأويه هو و أسرته أو مخيم له هو وقبيلته.

 بعد هذه المرحلة أصبحت الآمال والطموحات أكبر فأصبح يريد مطاردة الفرائس والذهاب إلى البحر للصيد وربما الوصول إلى قبائل أخرى تسكن بعيداً عنه بالكثير من الأميال فاكتشف الانسان أن بامكانه استخدام الحيوانات وتوفير المجهود الذي كان يقوم به في المشى لتلك المسافات. وكانت هذه نقلة جيدة له في طريق معرفة كيفية استخدام الوسائل التي حوله في تسهيل أمور حياته اليومية واستمر على ذلك فترة طويلة جداً، بل وطور استخدامه لها عن طريق وضع الألواح الخشبية وصنع أول سيارة تجرها الدواب كي يستطيع الانسان القديم التنقل مع أسرته من مكان لآخر.

بعد مرحلة الدواب بدأ الانسان يفكر فى الطيران وكان هذا بديهياً حيث يستمد كل أفكاره مما حوله وبما أنه استطاع ركوب الدواب فلم لا يفكر فى الطيران مثل تلك الطيور التي حوله التي تنتقل بسهولة من مكان لآخر وحاول كثيراً عدة محاولات للطيران ولكنها لم تؤت ثمارها أو تشير إلى إمكانية حدوث ذلك، وبدأ هنا بعد انتهاء العديد والعديد من العصور والحضارات وفى بدايات الثورة الصناعية فى ألمانيا بدأت صناعة أول قطار يعمل بالبخار ومن ثم أصبح يعمل بالفحم وتطورت بشكل موازى لتطور صناعة تلك القطارات صناعة جديدة وهي السيارات وكلمة السيارات هنا تختلف تماماً عن السيارات التى نراها فى شوارعنا الآن، فأول سيارة تم اختراعها كانت فى عام 1769 عندما قام شخص يدعى نيكولاس كيجنوت باختراع سيارة بثلاث عجلات وكانت تعمل بضغط البخار وأول سيارة بأربع عجلات تم تصنيعها في عام 1801 وكانت أيضاً تعمل بضغط البخار ولكن كانت محدودة الاستخدام جداً لما واجهته من مشاكل فى الحفاظ على معدل ضغط البخار وأيضاً في الحفاظ على الاتزان وما إلى ذلك من مشاكل أخرى عديدة، وفي عام 1885 ظهرت أول سيارة تعمل بالوقود عن طريق "هنري فورد" وطورت عدة مرات حتى وصلت عام 1896 لمحاولة جعلها تعمل بالجازولين ومنذ ذلك الحين بدأت السيارات تأخذ الشكل الذي نراه الآن مع التدريج طبعاً ولكن على التوازي فى تلك الفترة بدأت أفكار التنقل الجوى تلوح في الأفق، وبالفعل في منتصف 1903 تمكن الأخوان "أورفيل وويلبر رايت" من الإعلان عن أول طائرة تطير فعلياً فى ولاية كارولينا الأمريكية وحلقت الطائرة لمسافة 37 متراً وكانت مصنوعة من الأخشاب والأسلاك والأقمشة و منذ ذلك الحين تطورت صناعة الطائرات بشكل مذهل حتى الحرب العالمية الثانية التي أكدت أن الانسان قد فرض بالفعل سيطرته الكاملة على الجو بطائراته ومقاتلاته وقاذفاته طويلة المدى ولا أحد يعلم ماذا ستظل إليه التكنولوجيا فى العقود القادمة فكلما اكتشف الانسان وسيلة جديدة للنقل اكتشف أن هناك مسافات وأميال لم تطأها قدميه بعد وهو ما يدفع العلماء لتأكيد أن ما عرفناه نحن البشر عن الكون الذي نعيش فيه يعد بلا مبالغة لا شىء بجانب حجم هذا الكون العظيم الذي لا نزال نحاول اختراع وسائل تنقلنا عبر محطاته بشكل أسهل.